نأتي إلى أهم يوم في الثورة.. 28 يناير 2011.. البداية الحقيقية للثورة.. التدوينة طويلة فسامحوني!
اعتدت منذ زواجي أن أذهب كل يوم جمعة (في الغالب) بصحبة زوجتي وأبنائي إلى بيت الوالد والوالدة، نلتقي هناك مع إخوتي وأبناءهم، وكان هذا هو الجدول المخطط ليوم الجمعة 28 يناير.
استيقظت متأخرا في هذا اليوم، وأسرعت متجها إلى المسجد لحضور خطبة الجمعة، موضوع الخطبة لم يكن عاديا، كان الخطيب يتحدث عن ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن من زاوية جديدة تماما، وقد كتبت عن موضوع تلك الخطبة في تدوينة سابقة يمكن الاطلاع عليها من هنا بعنوان: لماذا خرجت؟!
بدأت أشعر أن شيئا خطيرا سيحدث في البلد اليوم، بصراحة لم أكن أثق كثيرا في المظاهرات ولا فيما يمكن أن تحققه من إنجازات بشأن تغيير النظام السياسي في مصر، لكن أن يتكلم خطيب الجمعة عن المظاهرات المحتمل نشوبها اليوم بخلاف التضييق الأمني المعروف على أئمة وخطباء المساجد بحيث يُمنع الحديث في أي موضوع سياسي على المنابر، لا لا، الموضوع مش عادي!
بعد الخطبة اتصلت بزوجتي قبل الصعود للمنزل واكتشفت عدم وجود تغطية لأي شبكة محمول، فذهبت لأحد السنترالات لأسأل عن ذلك فأفاد الرجل هناك بأنه لا توجد أي شبكة للاتصالات تعمل اليوم باستثناء الخطوط الأرضية، فاتصلت بزوجتي من هناك لأخبرها بأن تنزل لنذهب لبيت والدي.
في الطريق تجاذبنا أطراف الحديث عن أن البلد فيها حاجة غير طبيعية (كانت زوجتي قد شاهدت بعض القنوات الفضائية قبل نزولها من المنزل).
عند مداخل الشوارع الرئيسية المطلة على شارع كبير بالقاهرة (شارع جسر السويس)، وجدت كميات غير عادية من عربات الأمن المركزي، خلفهم كميات ضخمة من الجنود تواجه طوفان من البشر، يتجاذبون أحيانا، أصوات المتظاهرين كانت عالية جدا، وكأن الأرض تتزلزل لهتافهم الموحد:
"الشعب.. يريد.. إسقاط النظام"
في الطريق تكرر المشهد أمام عيني عدة مرات، بعض الشوارع المؤدية لأقسام الشرطة كانت مغلقة!
حينما وصلت لمنزل أبي كنت قد أدركت أن الاحتجاجات اليوم والمظاهرات كبيرة وضخمة جدا، وأن المتظاهرين قد كسروا حاجز الخوف والقمع بعد ثلاثين سنة من حكم "مبارك"، لم يكن أحد يجرؤ أن يقول ذلك: "الشعب يريد إسقاط النظام!!".. مرة واحدة إسقاط النظام؟!
على باب بيت والدي استقبلني "باسل" ابن أخي ذو الثلاث أعوام، فحملته على كتفي وبدأت أهتف: "الشعب يريد اسقاط النظام"، تبعني في المظاهرة إبني "إياد الدين" و.. فقط لأنه لم يكن هناك أحد آخر يمكن أن يتبعني، فمن بالبيت انكب يتابع الأحداث على شاشات التلفاز، وحتى اليوم نردد أنا وإبني وإبن أخي نفس المظاهرة!
إياد الدين بعد عام على الثورة! وما يزال ثائرًا على ماذا لا أعرف!
لمتابعة القراءة
من هنا