المباهلة ( الجزء الثانى )
حقيقة عندما بدأت فى البحث عن معنى المباهلة والآية الدالة
عليها فى القرآن الكـريم وأسباب نزولها ....إلخ كنت أظن اننى فقط
التى تجهل كثيرا من الأمور فى هذه المسألة . لكن وجدت كثيرا
من الاصدقــاء والمتابعين لمدينتى لديهم نفس التساؤلات وأحمد اللــه
كثيراً أن هدانا للخير . وحقيقةً أيضاً أن السبب الحقيقى لعرض هذه
المعلومة وبعض تفاصيلها لم يكن فقط لمعرفة المعنى الشرعى أو اللغوى
منها لكن لأنى رأيت على اليوتيوب فيديو يوضح كيف يستشهد الشيعة
بهذه المسألة على أفضلية السيدة فاطمة رضى الله عنها و على بن ابى طالب
والحسن والحسين ( رضى الله عنهم أجمعين ) على سائر الصحابة والمسلمين
وأن آية المباهلة دليل على أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخلافة
والإمامة وأن اللـه جعله بنفس مقام الرسول
عليه السلام ....وإن شاء الله اعرض عليكم بعض كلام الائمة والعلماء
فى الرد على هذه المسألة .
نعود لظروف حادثة المباهلة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
كان سبب نزول هذه الآية أن وفد نصارى نجران حين قدموا المدينة جعلوا
يجادلون في نبي الله عيسى عليه السلام ، ويزعمون فيه ما يزعمون من
البنوة والإلهية وقد تصلبوا على باطلهم ، بعدما أقام عليهم النبي صلى الله
عليه وسلم البراهين بأنه عبد الله ورسوله فأمره الله تعالى أن يباهلهم .
فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، بأن يحضر
هو وأهله أبناؤه ، وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم ، ثم يدعون الله تعالى
أن ينزل عقوبته ولعنته على الكاذبين فأحضر النبي صلى الله عليه
وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ،
وقال : هؤلاء أهلي
فتشاور وفد نجران فيما بينهم : هل يجيبونه إلى ذلك ؟
فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه ؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا ،
هم وأولادهم وأهلوهم ، فصالحوه وبذلوا له الجزية ، وطلبوا منه
الموادعة والمهادنة ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم لذلك .
وقد أجمع العلماء على أن إتيان النبي صلى الله عليه وسلم بعلي وفاطمة
والحسن والحسين رضي الله عنهم عند المباهلة ثابت بالأحاديث الصحيحة .
عن سعد بن أبي وقاص ، قال في حديث طويل : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
(فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ...) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي ".
لكن ليس في ذلك دلالة على الإمامة ولا على الأفضلية ولا يقتضي أن
كون من باهل به أفضل من جميع الصحابة ، كما لم يوجب أن تكون
فاطمة والحسن والحسين أفضل من جميع الصحابة.
و المباهلة إنما يختار لها الإنسان أقرب الناس منه نسباً ، لا أفضلهم عنده .
قال شيخ الإسلام بن تيمية:
وسبب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء فقط : أن المباهلة إنما
تحصل بالأقربين إليه ،وإلا فلو باهلهم بالأبعدين في النسب وان كانوا
أفضل عند الله لم يحصل المقصود .. ".
وقال : " وهؤلاء أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه و سلم نسباً ،
إن كان غيرهم أفضل منهم عنده ، فلم يؤمر أن يدعو أفضل أتباعه ؛
أن المقصود أن يدعو كل واحد منهم أخص الناس به ، لما في جِبِلّة
الإنسان من الخوف عليه وعلى ذوي رحمه الأقربين إليه ...
والمباهلة مبناها على العدل ، فأولئك أيضا يحتاجون أن يدعوا أقرب
الناس إليهم نسبا ،هم يخافون عليهم ما لا يخافون على الأجانب ،
ولهذا امتنعوا عن المباهلة لعلمهم بأنه على الحق وأنهم إذا باهلوه حقت
عليهم بُهْلة الله ، وعلى الأقربين إليهم "
والخلاصة فى الامر أن (سبب تخصيص علي بن أبي طالب وفاطمة
والحسن والحسين بالمباهلة أنهم أخص أهل بيته به في ذلك الوقت .)
وآية المباهلة نزلت سنة عشر لما قدم وفد نجران ، ولم يكن النبي صلى
الله عليه وسلم قد بقي من أعمامه إلا العباس ، والعباس لم يكن من
السابقين الأولين ، ولا كان له به اختصاص كعلي رضى اللــه عنه .
لم يكن عنده عليه الصلاة والسلام إذ ذاك إلا فاطمة ، فإن رقية
وأم كلثوم وزينب كنَّ قد توفين قبل ذلك
وإنما دعا حسناً وحسيناً ؛ لأنه لم يكن ممن ينسب إليه بالبنوة سواهما ،
فإن إبراهيم ، إن كان موجودا إذ ذاك ، فهو طفل لا يُدعى .
أى أن الامر ليس به افضلية أو تخصيص وأن أستدلالهم خاطىء
والله أعلم ....
أسال الله لى ولكم علماً نافعاً وأن أكون وإياكم
من التابعين بإحسان للحبيب محمد عليه الصلاة والسلام .