مقدمة
تعد خولة بنت ثعلبة أحد الصحابيات الجليلات اللواتي يعتبرن
قدوة لباقي النساء المؤمنات في العصور التي تبعت عصرهم.....
قصتها شهيرة فى القرآن الكريم
وردت قصتها في مطلع سورة المجادلة وهي أول سورة في الجزء
الثامن والعشرين من القرآن الكريم أحداثها تمتلىء بالعبر والآداب
والتعاليم الإجتماعية التى تبنى عليها البيوت الإسلامية
نسبها
هي خولة بنت مالك بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف
صحابية جليلة من الأنصار وكانت زوجة الصحابي المجاهد
أوس بن الصامت
وهو أخو الصحابى الجليل عبادة بن الصامت
وهي من بني عمرو بن عوف وهم من أشراف يثرب وأغنيائهم
فيهم أصالة العرب وشهامتهم وفروسيتهم وضيافتهم وقد أسهَمَ
بنوعمرو بن عوف في ضيافة المسلمين في المدينة المنورة بعد
هجرتهم من مكة المكرمة
خولة بنت ثعلبة
و قضية مكانة المرأة ودورها في المجتمع الإسلامي(قصتها و زوجها )
(من تفسير بن كثير وكتاب أسد الغابة )
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ:
"وَاللَّهِ فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ-عَزَّ وَجَلَّ- صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ:
كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ، قَالَتْ:
فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْماً فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، قَالَتْ:
ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي،
قَالَتْ: فَقُلْتُ: كَلا، وَالذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى
يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ، قَالَتْ: فَوَاثَبَنِي، وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ، فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ
بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ، فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي
فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-،
فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ، فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم-
مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ، قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ:
((يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ)) قَالَتْ:
فَوَ اللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ،فَتَغَشَّى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ لِي:
((يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ)) ثُمَّ قرَأَ عَلَيَّ:
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ
أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا
وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ
فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(1-4) سورة المجادلة
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
((مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً)) قَالَتْ: فَقُلْتُ:
وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ، قَالَ:
((فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)) قَالَتْ: فَقُلْتُ:
وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ:
((فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ)) قَالَتْ: قُلْتُ:
وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ، قَالَتْ:
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
((فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ)) قَالَتْ: فَقُلْتُ:
وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قَالَ:
((قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ، فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ، ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْراً))
قَالَتْ: "فَفَعَلْتُ".
( أ.هـ )
هذه القصة قد ألقت أحداثها الضوء على أمور تحدث فى بيوت
كثيرة ... ولأن المجتمع الإسلامى كان فى بداية تكوينه
فلم تعلم خولة ماذا تفعل بعد أن قال لها زوجها كلمة معناها ( الطلاق )
كيف تعيش معه بعد هذا
فلم تستسلم بضعف وبحثت عن امر دينها بلجؤها لرسول الله عليه السلام
تسأله فى دينها حتى لاتقع فى معصية تغضب الله سبحانه وتعالى
فكانت مثال المرأة المسلمة الصالحة التى تبحث عن حقها
وحق الله وتصرفت بأسلوب حكيم راقى مع المشكلة
وبطريقة تتناسب وظروف بيتها وحياتها دون محاولة
هدم بيتها أو الإستسلام للشيطان الذى يتفنن فى التفريق بين الزوجين
فوائد وعبر
ونجد بالقصة كثير من الفوائد والعبر منها
* ادب الاختلاف بين الزوجين
فلم تفعل خولة مثل كثير من الزوجات اللائى يهدمن بيوتهن بغباء
لكن ذهبت لمن لديه العلم تستنير بهداه...
* كذلك تمسكها بالورع والخوف من الله حتى لاتقع فى المحظور
ولم تستجيب لزوجها بعد ان قال لها ماقال
* وبسبب قصة خولة أبطل الإسلام قضية المظاهرة التى كانت تنتشر
قبل الإسلام ....
* وأظهرت أيضا مكانة المرأة المسلمة الصالحة
التى تحاول بكل الطرق المحافظة على بيتها وزوجها
معتمدة على الله تعالى فى قضيتها وشرعه السمح وحكمه العادل
خولة وعمر بن الخطاب –رضي الله عنه
كانت خولة شجاعة فى الحق ولاتخشى فى الله أحداً
وكان لها مع الفاروق عمر موقف رائع
خاطبت خولة في ذات يوم عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-
عندما كان خارجاً من المسجد وكان معه الجارود العبدي فسلم عليها
عمر فردت عليه وقالت:
" هيا يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الضأن
بعصاك فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم لم تذهب الأيام حتى سميت
أمير المؤمنين فاتق الله في الرعية واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد
ومن خاف الموت خشي الفوت"
فقال الجارود: قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة فقال عمر:
"دعها أما تعرفها!
هذه خولة التي سمع قولها من فوق سبع سماوات فعمر أحق والله أن يسمع لها
رضى الله عنها وعن الفاروق عمر بن الخطاب