تركنا تاريخنا لغيرنا ليكتبونه لنا ، فتلاعبوا به وبنا ، وشوهوا الكثير من أمجاد الأجداد وصورة الكثير من علمائنا الأفذاذ حتى نظل نشعر أمامهم بالدونية وخاصة بعدما قدموا لنا تاريخهم وشخوصه فى ثوب العباقرة والمخترعين الذين لم يجود الزمان بأمثالهم .ومن الشخصيات التى ظلمت فى تاريخنا حتى أصبح مثاراً للضحك والسخرية ( عباس بن فرناس) الذى لايعرف الكثيرون منا عنه غير أنه هو ذلك الرجل الذى حاول الطيران فوضع الريش على ذراعيه ليطير مثل الطيوربل إن الكثيرين منا ينظرون إلى محاولته تلك بنظرة ملؤها السخرية والاستهزاء ولايعرفون عنه غير ذلك
وهذا ماجعلنى أحاول اعطاء هذا هذا العالم الجليل حقه فى تقديمه فى صورته التى يستحقها … فهو :أبو القاسم عباس بن فرناس بن ورداس..
نشأ بقرطبة ودرس بها ، وبرع منذ شبابه فى الفلسفة والكيمياء والطبيعة والفلك ، وبرع فى نفس الوقت فى الشعر والأدب والموسيقى .
غير أنه مالبث أن برع فى ميدان العلوم البحتة ، ومن أهم مخترعاته صنع الزجاج من الرمال وكان لظفره بهذا الاكتشاف دوى عظيم .. كما أنه تمكن من اختراع عدد من الآلات الفلكية الدقيقة على أن أشهر مااقترن باسم ابن فرناس هى محاولته للطيران والتى أدهشت أهل الأندلس وطار ذكرها فى كل مكان ..إلا أنه توصل بعد ذلك إلى اختراع آلة يستطيع بها الإنسانأن يطير بها فى الجو ولكنها كانت مجرد رسومات وتحتاج إلى التنفيذ ، ويقال أنه دون محاولاته واختراعاته فى كتاب كان لهالفضل فى كل محاولات الطيران بعد ذلك وحتى نجاح الأخوان ( رايت ) فى اختراع الطائرة الشراعية كما كان له أكبر الأثر فى انتعاش الحركة العلمية الكبرى فى الأندلس ويعتبر ابن فرناس اعجب العبقريات العلمية الإسلاميةلأنه كان دائم التفكير فى أنواع فريدة لم يفكر فيها إنسان من قبله ، وامتاز بصفات عديدة قلما تجتمع فىشخصية علمية واحدة فهو فيلسوف وعالم رياضى وطبيعى وكيميائى وفلكى من الطراز الأول ، وهو موسيقى بارع وأديب وشاعر فذ ، وهو فوق كل ذلك أول عالم حاول الطيران وغزو الجو ..
ولك أخى المسلم أن تفخر بأجدادك فهم أعظم من علم البشرية وأفادوها بعلمهم ، ولاتستمع لدعاة الإحباط الذين يريدون لنا أن نظل منزوين فى ركن مظلم من أركان الحضارة .
ـــــــــــــــ
محمد الجرايحى