شاعر يرثي نفسه

في الأدب العربي نجد هناك قصائدا كثيرة في المدح والهجاء والرثاء، ولكنها غالبا ما تكون - وخاصة التي في الهجاء والرثاء- نظمت في شخص معين، ونادرا جدا ما نعثر على قصيدة يهجو الشاعر فيها نفسه، فلو بحثنا قد نصادف شاعرا أُشتهِر بالهجو حتى صار إن ذكر اسمه ذُكر الهجاء.. اسمه الحطيئة. لم يترك هذا الأخير أحدا إلا هجاه، فلما لم يجد هجا أباه وأمه، ثم هجا نفسه..
قال:

أبت شفتاي اليوم إلا تكلمــــــــــا * بشر فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي اليوم وجهاً قبح الله شكله * فقبح من وجهٍ وقبح حاملــه

وهذان البيتان يقال أنه أنشدهما حين رأى وجهه في صفحة الماء، بعدما اشترى منه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعراض المسلمين بالمال، وقطع عليه عهدا أن لا يتعرض لأحد بلسانه. Very Happy

أما في الرثاء فقليل جدا أن تجد كذلك من بكى نفسه وهو حي، إلا شاعرا واحدا اسمه مالك بن الريب، عاش في عصر الخلافة الراشدة أي في العصر الإسلامي، ولكنه للأسف لم يترك من إرثه الأدبي إلا قصيدة واحدة نظمها حين لذعته حية وكان غرضها الرثاء، بكى على نفسه لأنه علم أنه سيفارق الحياة. فسميت بكائية مالك بن الريب. قال:

يقولـون: لا تَبْعَـدْ وهـم يَدْفِنوننــي * وأيـنَ مكـانُ البُـعـدِ إلا مَكانـيــــا
غداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسـي علـى غـدٍ * إذا أدْلجُـوا عنّـي وأصبحـتُ ثاويـا

ها هو شاعر شاب من مدينة الصويرة ينظم قصيدة مجاراة لقصيدة مالك بن الريب، وقد سماها مرثية شاعر يرثي نفسه، نشرت في مدونة لغة الضاد حصريا، وهي قصيدة شارك بها في أمسية شعرية أقيمت بمدينة الصويرة.
إليكم القصيدة: مرثية شاعر يرثي نفسه

أتمنى أن تنال القصيدة إعجابكم كما نالت إعجابي.
والحقيقة أن مجموعة لغة الضاد كان لها الفضل بعد الله تعالى أن تعرفت على هذا الشاب المهوس بالأدب العربي وبالشعر العربي خصوصا، كما أنه مجنون المتنبي، ونطلق عليه المتنبي الثاني.
بارك الله فيكم جميعا

شكراً لك أستاذ رشيد
على موضوعاتك المتميزة والقيمة
تحياتى لك

» أبو القاسم الشابى / شاعر الثورة التونسية